الإبلاغ عن جرائم العنف الأسري في التشريع الإماراتي

الإبلاغ عن جرائم العنف الأسري في التشريع الإماراتي

الإبلاغ عن جرائم العنف الأسري في التشريع الإماراتي

الدكتور غسان عرنوس 

المستشار القانوني بمكتب زايد الشامسي للمحاماة والاستشارات القانونية

تعد الأسرة الخلية الأولى في بناء المجتمع وتكوينه، وهي المهد الذي ينشأ فيه الإنسان فيتلقى من خلاله، المبادئ والقيم، ويُربّى على مكارم الأخلاق، ليكون عنصراً فاعلاً في مجتمعه، يساهم في تطوره، وتحقيق أهداف أمته ووطنه.

وقد أشاع الله عزو وجل بين أفراد الأسرة نسيجاً من الحب والحنان والتعاون والرحمة، إلا أن هذا الأمر قد يلحقه بعض الشذوذ، حيث يسود في بعض الأسر ما يسمى بالعنف الأسري، تلك الظاهرة التي تحوّل جوّ الأسرة إلى جحيم لا يطاق، ولعل أخطر ما فيها أن ترتكب بسرية، دون أن تصل معاناة الضحايا إلى علم السلطات المختصة، وربما ينجو الجاني في كثير من الأحيان من العقاب، ولذلك فإن الإبلاغ عن هذه الجريمة يعد الخطوة الأولى والمهمة لمكافحتها.

وإدراكاً من المشرع الإماراتي لمدى خطورة جرائم العنف الأسري، فقد أصدر المرسوم بقانون اتحادي رقم (13) لسنة 2024 بشأن الحماية من العنف الأسري، الذي يهدف إلى ما يلي:” 1. حماية الأسرة من مخاطر العُنف الأسري بما يحافظ على كيانها وترابطها الاجتماعي.

  1. 2. توفير الحماية القانونية اللازمة للمُعتدى عليه.
  2. 3. تقويم السلوكيات الضارة بالأسرة عموماً، ومكافحة مظاهر العُنف الأسري وتوفير بيئة أكثر أماناً لهم.
  3. تعزيز الوعي الاجتماعي بين الأفراد حول قضايا العُنف الأسري وآلية التعامل معها “.

وقد عرّف المشرع الإماراتي في المادة الرابعة من المرسوم بقانون المذكور العنف الأسري بأنه:”  كُل فعل أو امتناع عن فعل أو قول أو التهديد بأيّ منهم، أو الإهمال أو الاستغلال الجنسي أو الاقتصادي الذي يرتكبه فرد أو عدد من أفراد الأسرة أو يُساهم فيه ضد فرد آخر منها متجاوزاً ما له من ولاية أو وصاية أو سلطة أو مسؤولية، وينتج عنه أو يكون الهدف منه إلحاق أذى أو ضرر جسدي أو نفسي أو جنسي أو اقتصادي “.

ولعل من أهم ما جاء في المرسوم بقانون المذكور، هو آلية الإبلاغ عن وقائع العنف الأسري، التي أوضحها المشرع في المادة الخامسة التي جاء فيها:” 1. للمُعتدى عليه حق الإبلاغ عن واقعة العُنف الأسري.

  1. 2. على كل من علم بواقعة عُنف أسري سواء كان فرداً من أفراد الأسرة أو أي من مقدمي الخدمات الصحية أو التعليمية أو الاجتماعية أو النفسية أو الرياضية وذلك بحكم عمله أو مهنته أو غيرهم من أفراد المجتمع، الإبلاغ عن الواقعة بشكل فوري.
  2. 3. يتم إبلاغ الوزارة أو السلطة المختصة أو مركز الدعم الاجتماعي عن واقعة العُنف الأسري، وعلى تلك الجهات اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيالها.
  3. 4. يتم إبلاغ مركز الشرطة عن واقعة العُنف الأسري إذا شكّل الفعل محل الواقعة عنفاً جسدياً أو جنسياً، وعلى المركز اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيالها.
  4. 5. على الوزارة والسلطة المختصة توفير قنوات ووسائل تواصل فعّالة لتلقي بلاغات العُنف الأسري شاملاً الإلكترونية منها، والإعلان عن هذه القنوات والوسائل لأفراد المجتمع والتوعية بشأنها.
  5. 6. إذا تبين من خلال دعوى منظورة أمام أي محكمة مختصة بمسائل الأسرة والأحوال الشخصية وجود حالة عُنف أسري تتعلق بفاقدي الأهلية أو ناقصيها، للمحكمة في هذه الحالة تزويد الوزارة أو السلطة المختصة بصورة عن ملف الدعوى من خلال النيابة العامة.
  6. 7. لا يجوز الإفصاح عن هوية مقدمي البلاغات في قضايا العُنف الأسري ما لم تتطلب الإجراءات القضائية ذلك، ويكون الإفصاح في هذه الحالات من النائب العام أو من يفوضه “.

وهكذا يتضح لنا من خلال ما أوردناه من نصوص حرص المشرع الإماراتي على حماية كافة أفراد الأسرة، ولا سيما الضعفاء منهم كالنساء والأطفال، من كافة مظاهر العنف الأسري، حيث كانت الخطوة الأهم التي اتخذها المشرع الإماراتي هي الآلية المتكاملة للإبلاغ عن وقائع العنف الأسري، لأنه بمجرد أن يصل العلم بهذه الوقائع إلى السلطات المختصة، فإنها ستهرع لحماية الضحية.

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة تحمل علامة *