أهلية التعاقد وفقاً لقانون المعاملات المدنية الإماراتي

أهلية التعاقد وفقاً لقانون المعاملات المدنية الإماراتي

أهلية التعاقد وفقاً لقانون المعاملات المدنية الإماراتي

امانة الشامي

الباحثة القانونية فى مكتب زايد الشامسى للمحاماة والاستشارات القانونية

أهلية التعاقد ليست مجرد سن وقدرة بل وعي ومسؤولية وهي أساس لصحة العقد، فالأهلية لم تكن فقط بلوغ سن الرشد واكتمال القوة العقلية، بل قدرة الانسان على تحمل نتائج إرادته وما يترتب على اختياراته من التزامات ومن هذا المنطلق اولى القانون الاماراتي عناية دقيقة لمفهوم الاهلية وجعلها ركيزة لكل تصرف وخاصة في مجال العقود، فليس كل من ينطق قادرا على الالتزام ولا كل من عبر عن ارادته يعتد بها قانونا، وعليه اشترط المشرع أن يكون الشخص متمتعاً بالأهلية القانونية واعتبر ان سن الرشد لا يكتمل مالم يبلغ الشخص 21 سنة هجرية حينها يعتبر كامل الاهلية ولم يكن يقصد فقط مسالة زمن بل تطلب عقلا سليما وحرية قانونية غير مقيدة .

واعتبر المشرع المميز الذي تجاوز السابعة من عمره وله ادراك نسبي ان تصرفاته موقوفة على اجازة الولي في الحدود التي يجوز له التصرف بها ابتداء او اذا اجازها القاصر بعد بلوغه سن الرشد وفي اطار حرص المشرع على التدرج في منح الاهلية للقاصر بما يراعي تطوره الذهني جاء قانون المعاملات المدنية ليقر مبدا التمكين التدريجي للقاصر من ادارة امواله فأجاز للولي متى بلغ القاصر سن الثامنة عشر من العمر ان يسلمه كل او بعض امواله ليتولى ادارتها بنفسه متى تبين لديه من الرشد ما يكفي .

وهكذا نلاحظ أن المشرع أولى حماية  خاصة للصغار والضعفاء حتى من انفسهم حيث  اكد على ان  الصغير غير المميز لا حق له بالتصرف في ماله ابدا وتكون جميع تصرفاته باطلة، وبما ان ارادة الانسان لا تقاس بلحظة النطق فقط بل بسياقها العقلي والزمني ففي عالم التعاقد ليس كل توقيع يعتد به ولا كل رضا يعتبر به قانونا فكان من الجدير تدخل القانون لا كسلطة بل كراع امين لعقل الانسان وماله وكرامته فبعض الاشخاص يولدون غير مؤهلين للتصرف كالمجنون او تصيبهم عاهة عقلية واضحة تجعلهم غير قادرين على تحمل نتائج افعالهم وهنا لم ينتظر القانون حكما قضائيا لان الحجر نابع من طبيعية حالتهم النفسية فهم محجورون بحكم الواقع والرحمة والعدل فتعامل القانون مع المجنون والمعتوه البالغ معاملة القاصر عديم الاهلية وانتزع منه سلطة التصرف نهائيا .

وأما من يفتقرون الى الرشد المالي والاجتماعي كالسفيه وذو الغفلة هؤلاء لا يحجر عليهم الا بقرار قضائي لان المسالة تحتاج الى تقييم وتثبت ولما كان هدف المشرع حماية فاقدي الاهلية او ناقصيها بما يضمن مصلحتهم فقد نظم تصرفات الوصي على مال القاصر واعتبر عقود الادارة الصادرة من الوصي في مال الصغير صحيحة ونافذة طالما تمت وفقا للشروط والاوضاع التي يقررها القانون .

وإن نظرة متأملة في النصوص القانونية المتعلقة بالأهلية في التشريعات الإماراتية، تدفعنا إلى القول إن المشرع وازن بين الحماية والحرية ورسخ مبدأ العدالة بما يصون كرامة الانسان حتى لو كان في اضعف حالاته لتظل القاعدة القانونية أداة انصاف لا مجرد اداة تنظيم .

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة تحمل علامة *

    Related posts