ماهية جريمة غسيل الأموال في ضوء أحكام التشريعات الإماراتية
ماهية جريمة غسيل الأموال في ضوء أحكام التشريعات الإماراتية
ماهية جريمة غسيل الأموال في ضوء أحكام التشريعات الإماراتية
تعد جريمة غسيل الأموال من أخطر الجرائم الاقتصادية المستحدثة، لما لها من أثر مدمر على النظام المالي والاجتماعي والسياسي في الدولة. فهي ليست مجرد انتهاك للقوانين المالية، بل هي عملية تعكس العلاقة المعقدة بين المال والجريمة، وهي في غالب من الجرائم العابرة للحدود الوطنية.
ووفقاً للتشريعات الإماراتية فإن مرتكب جريمة غسل الأموال هو كل من كان يعلم بأن الأموال متحصلة من جريمة أصلية، وارتكب عمداً أي فعل يهدف إلى تمويه أو إخفاء مصدر هذه الأموال، سواء من خلال تحويلها، أو إخفاء حقيقة مصدرها، أو اكتسابها واستخدامها، أو مساعدة مرتكب الجريمة الأصلية على الإفلات من العقوبة.
ولا بد من أن نعلم أن هذه الجريمة تعد مستقلة عن الجريمة الأصلية؛ بمعنى أن معاقبة الجاني على الجريمة الأصلية لا تمنع محاكمته على غسل الأموال، ونذكر هنا أن عملية غسيل الأموال هي عملية معقدة تمر بثلاث مراحل، تبدأ بإدخال الأموال الناتجة عن نشاط غير مشروع في نشاط اقتصادي يبدو من حيث الظاهر أنه نشاط مشروع، حيث يتم دمج الأموال (القذرة) مع الأموال (النظيفة)، وتكون آخر مراحل غسيل الأموال هي إخراج الأموال الناتجة عن عملية غسيل الأموال على أنها أموال (نظيفة).
وهكذا يتبدى لنا أن عملية غسيل الأموال ليس مجرد نشاط مالي، بل هو تجربة إنسانية تعكس صراع، القانون والمال، الأخلاق والمصلحة إذ يعكس سعي الأفراد لتحويل الأموال المتحصلة من الجريمة إلى أموال “نظيفة” ورغبتهم في التهرب من المسؤولية الأخلاقية والقانونية، ولذلك فإن هذه الجريمة الخطيرة تنطوي في جوهرها على تهديد للعدالة الاجتماعية، لأنها تهدف إلى توفير المناخ الملائم لمرتكبي الجرائم باستثمار الثروة الناتجة عن النشاطات غير القانونية، ما يفاقم التفاوت الاقتصادي ويضعف الثقة في المؤسسات.
ومن هنا تتضح خطورة هذه الجريمة، فهي ليست مجرد مخالفة مالية، بل هي اختبار لمتانة القيم الاجتماعية، وقدرة الدولة على فرض القانون وحماية المجتمع من اختراقات المال غير المشروع، لذلك، فإن التصدي لها يتطلب أدوات قانونية صارمة، ووعيًا عميقاً بأهمية النزاهة في كل مستويات الحياة الاقتصادية والاجتماعية.
اترك تعليقًا
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة تحمل علامة *